
كيف تحول مقهى على شاطئ غزة لمقبرة جماعية لكل من فيه؟ Bookmark article

هذه بيان أبو سلطان زميلتي التي تجيد تحدث الإنجليزية بطلاقة ما أهّلها للعمل مع العديد من وكالات الأنباء - ملطخة بدمائها، وهذا زميلي المصور الصحفي أبو شمالة فقد ساقه، وهذا صاحب المقهى الذي كان يقدم لنا المشروبات بتحية حارّة - جثة هامدة، وهذه أم مقتولة تحتضن طفلتها التي طار رأسها من شدة القصف. هل ستصدقونني إن قلت: "حتى الحيوانات كالقطط التي كانت متواجدة في المكان رأيتُ جثثَها، والله العظيم رأيتُها".
هكذا وصف وديع أبو السعود اللحظات الأولى لاستهداف الجيش الإسرائيلي مقهى "الباقة" على شاطئ بحر غزة، ما أدى إلى مقتل أربعة وعشرين شخصاً وعشرات المصابين غالبيتهم بجروح خطيرة. وأعداد القتلى مرشحة للارتفاع بحسب مصادر طبية.
وأضاف: "اعتدنا كصحفيين أن نجتمع في هذا المقهى نظراً لتوفر خدمة الإنترنت فيه ما يساعدنا على إرسال موادنا الصحفية للأماكن التي نعمل بها، ولكنه ليس مخصصاً للصحفيين، دائماً ما يتواجد معنا في المقهى نساء وأطفال، ثم خرجتُ لتلقّي مكالمة هاتفية وهنا سقط الصاروخ".
وأضاف أبو السعود أيضاً وهو بالكاد يلتقط أنفاسه المتقطعة من شدة الخوف: "مش قادر أتكلم، وقعت على الأرض من شدة الخوف، وفقدت الوعي لدقائق، الشباب حملوني كي أتمكن من الوقوف على قدمي، لم أشاهد الصاروخ ولم أسمع صوته، فقط رأيتُ الجحيم الذي اندلع إثر انفجاره، وصرخات النساء اللائي تلتهمهن النيران، والأشلاء تتطاير أمام عينَيَّ".
أكد أبو السعود أن الاستهداف تم دون سابق إنذار، ورجّح أن يكون الصاروخ المستهدف من صواريخ الاستطلاع اكس 16 لأن الشظايا التي خلفّها كبيرة جداً، وقد وُجّه في منتصف المقهى لذلك لم يسلم أحد ممن كان فيه، "ولولا أنني خرجتُ منه للتو لتلقّي مكالمة هاتفية لكنتُ في عداد الموتى".
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل، الصحفية بيان أبو سلطان و آثار الدماء على رأسها ووجهها، وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن حالة الصحفية بيان مستقرة وما زالت تتلقى العلاج.
وأصيبت بيان إلى جانب عدد من الصحفيين والنازحين الذي كانوا في المقهى وقت استهدافه.
"228 صحفياً قُتلوا منذ بداية الحرب"

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد أصدر بياناً تحدّث فيه عن "ارتفاع عدد قتلى الصحفيين في هذه الحرب إلى 228 صحفياً بعد هذا الاستهداف"، من بينهم الصحفي الفلسطيني إسماعيل أبو حطب.
شادي عزام نازح بالقرب من ميناء غزة البحري الذي شهد الواقعة أكد أنه نزح لهذا المكان ونصب خيمته فيه بعدما تلقّى تعليمات إخلاء من الشمال، مؤكداً أن "تعليمات الإخلاء وجّهت النازحين غرباً - وها هو غرب القطاع يتم قصفه واستهدافه، فإلى أين نذهب؟ حتى تنفيذ تعليمات الجيش الإسرائيلي والالتزام بها لا يحميك من الموت في غزة".
ويقول النازح موسى أنه ركض باتجاه صوت الانفجار بمجرد ما سمعه في محاولة لإنقاذ الضحايا، "لكن ما رأيناه يفوق أي جهود إنقاذ يمكن أن تُقدّم".
ومضى موضحاً: "الضربة كتير كتير رهيبة.. وعلى البحر طيب ليش! هدول أبرياء بيخففوا عن نفسهم شوي من أهوال الحرب.. بس قالوا يشموا هوا بحر غزة، راحوا بلا رجعة، بلا إنذار، حتى الجرحى اللي نجوا من الموت رأيتهم بعيني مرميين في ساحة المستشفى وساحة الاستقبال، وغالبية الضحايا كانوا نساء وأطفالاً، لا أستطيع نسيان المنظر الذي رأيت.. لا أستطيع".
"لماذا تُركت غزة كل هذه المدة تُقتَل وتُجوَّع؟"
ويقول النازح أحمد كفالة: "أصبح سقوط 100 شهيد يومياً في غزة خبراً عادياً جداً، بالأمس في أماكن توزيع المساعدات واليوم على البحر.. ما اتحملوا يشوفوا الناس عم يضحكوا على الشاطئ ومبسوطين، في لحظة صوت الضحك والمرح تحوّل لصريخ ثم صمت للأبد.. في لحظة".

وارتفع عدد قتلى يوم الاثنين إلى أكثر من 80 قتيلاً من بينهم 57 في مدينة غزة ومحافظة الشمال، بحسب ما ذكرت مصادر في مستشفيات القطاع.
وأفادت المصادر أن 13 شخصاً قُتلوا إثر إطلاق الجيش الإسرائيلي النار باتجاه متجمهرين قرب مركز توزيع مساعدات تابع لمؤسسة غزة الإنسانية إلى الغرب من مدينة رفح جنوبي القطاع.
- بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق النار والفوضى روتيناً
- حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنسانية للقتل؟
- نتنياهو يقول إن "النصر على إيران يوفر فرصاً للإفراج عن الرهائن في غزة"
