بامكان تونس الاستفادة من السياسات الحمائية للاقتصاد بطريقة انتقائية وموجهة

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/690e1aaa324131.51197689_qelohfingjmkp.jpg width=100 align=left border=0>


في الوقت الذي تستعيد فيه السياسات الحمائية للاقتصاد شعبيتها وبدأت تعطي أكلها تحت سماوات أخرى، اعتبر المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، أنّه بإمكان تونس، أيضا، الاستلهام من ذلك بشكل انتقائي وموجّه، لتجنّب المشاكل التي قد تترتب عن مثل هذه السياسات.

وأشار المعهد، في مذكرة تحليلية بعنوان "عندما تؤتي الحمائية ثمارها"، أن أداء الاقتصاد الأمريكي في الفترة الأخيرة، أعاد إحياء النقاش حول عودة هذه السياسات الحمائية.





ففي الولايات المتحدة، يبدو أن إعادة توطين الإنتاج ودعم الشركات المحلية قد بدأ يؤتي ثماره، إذ بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 3،8 بالمائة، خلال الربع الثاني من سنة 2025، مقابل 3،3 بالمائة المتوقعة (كنسبة سنوية)، في حين لم تتجاوز نسبة نمو الناتج خلال الثلاثي الأوّل من السنة ذاتها 0،6 بالمائة.

كما لوحظ انتعاش في الطلب المحلي على اسعار التجهيزات اضافة الى انخفاض طلبات إعانات البطالة وتعزز سعر صرف الدولار الذي ارتفع بنسبة 0،66 بالمائة، مقارنةً بجملة من العملات الرئيسية، رغم انخفاض سعر الفائدة الأساسي مؤخرا واستمرار الشكوك حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي، خاصة على المدى القصير (التضخم).

وابرز المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أن تونس بامكانها الاستلهام من هذه التجربة، أولًا من خلال اعتماد سياسة استبدال الواردات في بعض القطاعات الصناعية التي يسهل الوصول إليها، إما لأنها كانت موجودة سابقا (مثل الصناعات الميكانيكية والكهربائية وصناعات مواد البناء)، أو لأنها أصبحت قابلة للتنفيذ تقنيا في الوقت الحاضر.

ويتطلب ذلك وفق المعهد اعتماد الدولة لسياسة صناعية تقوم على تأطير ودعم وتمويل بعض الأنشطة الصناعية، على غرار ما حدث في تونس في اطار برنامج التأهيل الصناعي خلال القرن الماضي، أو كما يحدث خلال العشرية الحالية في الولايات المتحدة الامريكية.

واعتبر المعهد أنّ الظروف الدولية تعد ملائمة لتبني هذا التوجه كما أنه بالامكان اتخاذ إجراءات ديوانية اعتمادا على الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف القائمة.

وأضافت المذكرة "المهم هو أن تكون هذه الإجراءات مدروسة بشكل جيّد ويجري تطبيقها خلال فترة زمنية محدودة، مع ضرورة ان تكون مرفوقة بإصلاحات اقتصادية تقلل من التكاليف الإضافية، التّي يتحملها المنتجون والناتجة عن ارتفاع تكاليف التمويل والخدمات اللوجستية الباهظة وبطء الخدمات الإدارية وهي عوامل تسببت في عدم نجاعة جهاز الإنتاج المحلي".

ثانيا، بامكان تونس، وفق الوثيقة، إعادة إحياء سياسة التعويض التجاري، التي طُبّقتها خلال تسعينيات القرن المنقضي، والتي كانت تُلزم مورّدي السيّارات مثلًا بشراء قطع غيار ومنتجات محلية أخرى، وفق نسبة معينة من مبيعاتهم في تونس.

وأشار المعهد الى ان الظروف الدولية الحالية ملائمة لسياسة التعويض، التي تلزم موردي بعض المنتجات، خاصة تلك التي تشهد منافسة عالمية حادّة، بالقيام بشراءات محلية من مورّديهم، مما يساهم في زيادة الصادرات الوطنية. وهو ما يمكن تطبيقه على واردات السيارات ووسائل النقل والنسيج والجلود.

ويكمن الاشكال في هذا الخيار في ارتفاع أسعار المنتجات المعروضة دون اي ضمان للجودة بينما تبرز ميزته من خلال الإنتاج والتشغيل والنمو الاقتصادي.

الإجراءات الحمائية يجب ان تكون انتقائية
ويرى المعهد العربي لرؤساء المؤسسات ان السياسة الحمائية قد تخلق مشاكل بالنسبة لدولة صغيرة مثل تونس، التي انتهجت لفترة طويلة سياسة انفتاح تجاري خارجي، متوقعا ردود افعال من شركائها التجاريين، خاصة الاتحاد الأوروبي، الذي تربطه بها اتفاقيات تعاون.

لذلك دعا المعهد الى اتخاذ إجراءات حمائية انتقائية (حسب فروع النشاط وحتى المنتجات) وليست عامة، مع إعطاء الأولوية للإجراءات النوعية ( المطابقة للمواصفات، اشكال التمويل) على حساب الإجراءات الكمية (الضرائب)، مع التطبيق التدريجي. وهو ما من شأنه ان يجنب، وفق وثيقة المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، تضارب الاجراءات مع بنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حول المنتجات، التي تستوردها تونس حاليا من أوروبا، والتركيز بدلًا من ذلك على المنتجات المستوردة من آسيا (الصين،تركيا ومنطقة دبي الحرة).



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 318084


babnet
*.*.*