مشروع "قانون الفنان"، يطبخ على نار هادئة

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/694b9fda5c45c6.23614220_poifejmnkghlq.jpg width=100 align=left border=0>


منية كواش

من بين أساليب العمل الجديدة والمحمودة التي تميّز بها مجلس نواب الشعب، إدخال عادة الأيام الدراسية التي تسمح بتكثيف التفكير والتشاور في مجموعة من القضايا بمساهمة النواب وكل الأطراف الاجتماعية المعنية بالموضوع، قبل الانتقال إلى وضع الصيغة القانونية النهائية. ومن آخر هذه المبادرات اليوم الدراسي الذي نظّمته الأكاديمية البرلمانية بمجلس نواب الشعب، يوم الاثنين 15 ديسمبر الحالي، لمناقشة مقترح قانون الفنان والمهن الفنية (عدد 055 لسنة 2023).






133 نائب يتبنّون مشروع قانون الفنان

وقال رئيس لجنة السياحة والثقافة، النائب باديس بالحاج علي، أنّ مشروع قانون الفنان وهو مبادرة تشريعية تبنّاها 133 نائباً منذ سنتين، إستمرارا لمسار انطلق منذ سنة 2014 داخل وزارة الشؤون الثقافية، وشمل سنوات من النقاشات وورشات العمل بمشاركة مهنيي القطاع ومختلف الأطراف المتدخلة وكان موضوع نحو 12 جلسة عمل واستماع عقدتها اللجنة البرلمانية.

ويهدف القانون إلى وضع إطار تشريعي ينظم المهن الفنية ويضبط شروط ممارستها، مع إرساء منظومة حماية اجتماعية خاصة بالفنانين، تقوم على مبدأ التضامن الاجتماعي، وتستأنس بتجربة نظام التغطية الاجتماعية للمحامين.


يوم دراسي مفتوح للعاملين في مجال الفن والإبداع

وأطّرت المناقشات عدّة وجوه معروفة من مختلف الفنون باسمها الشخصي، أو ممثلة لزملائهم ضمن أطر نقابية، من بينهم رشاد الشلي عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، ونورهان بوزيان عن النقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية، وجمال العروي عن النقابة الوطنية المستقلة لمحترفي الفنون الدرامية، وماهر الهمامي عن النقابة التونسية للمهن الموسيقية، إلى جانب وسام غرس الله (اتحاد الفنانين التشكيليين) ومراد بالشيخ (مخرج سينمائي). وسمحت بإثارة المسائل التالية:

* شروط إسناد بطاقة الاحتراف، ووجوب أن تُمنح حصرياً لمن يتخذون من النشاط الفني مورد رزق أساسي، لا لمن يمارسونه بشكل عرضي. ويذهب البعض إلى الاقتصار على المتخرجين من مؤسسات التكوين الفني.
* ملاءمة قانون الفنان، مع بقية التشريعات القطاعية ووجوب تحيينها وتطويرها.
* إحداث عمادة للفنانين تُعنى بالجوانب الإدارية والتنظيمية للمهنة أو التفكير في شكل تمثيلي وتجميعي آخر.
* غياب استشراف واضح لتحديات المستقبل، وتحدّيات أساليب العمل الجديدة (العمل عن بُعد، والذكاء الاصطناعي).
* ضرورة رقمنة التراث الموسيقي التونسي لحمايته من السطو والضياع وبصفة أشمل العناية بالذاكرة الفنّية الوطنية.


مراجعة قانون التغطية الاجتماعية لتعمّم على كل الفنانين

وسبق للجنة السياحة والثقافة في مجلس النواب، أن عقدت جلسة استماع يوم الثلاثاء 4 فيفري 2025، إلى وزيرة الشؤون الثقافية حول مقترح القانون المتعلّق بالفنّان والمهن الفنية، مرفقة بمديرة الشؤون القانونية بالوزارة، التي دعت إلى تدقيق تعريف المصطلحات وتدقيق بعض البنود المتعلّقة بممارسة الأنشطة الفنية سواء من قبل الأجانب المقيمين بتونس أو من قبل الأطفال، إضافة إلى ضرورة مراجعة العقوبات وتدقيق الفصول المتعلّقة بالأحكام الانتقالية.

وتطرّق النواب إلى ضرورة الإحاطة بالفنانين الشبّان ودعمهم ورفع التضييق عليهم وتطوير التشريعات المنظمة للأنشطة الفنية والثقافية، مؤكدين أن مقترح القانون يهدف إلى تعزيز العناية بالمبدعين والتعجيل بتطوير نظام التغطية الاجتماعية والعناية الصحية بالفنانين والمبدعين لضمان حقوقهم.

وطالب بعض النواب بمراجعة نظام التراخيص حتى لا تكون أداة للتضييق على الفنانين، مشيرين إلى أن مقترح القانون يحمي الفنان ولا يمس من التوازنات المالية للدولة. وتساءلوا عن توجهات الوزارة تجاه مقترح القانون وعن مدى استعدادها لإصدار الأوامر الترتيبية في شأنه.


إيجاد نظام تغطية اجتماعية يستجيب لخصوصية العمل الإبداعي

وكان موضوع التغطية الاجتماعية للفنانين، المشغل الرئيسي ليوم دراسي مشترك بين وزارة الثقافة ووزارة الشؤون الاجتماعية، حول "التغطية الاجتماعية الخاصة بالفنانين والمبدعين التونسيين"، أشرفت عليه وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي رفقة وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر، يوم الأربعاء 18 جوان 2025 بمدينة الثقافة.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر إن مراجعة أنظمة التغطية الاجتماعية يجب أن تعتمد على أنماط متجدّدة تكون شاملة ومنصفة لجميع الفئات، كما يجب البحث عن طرق لتنويع مصادر تمويل منظومة الضمان الاجتماعي.
وبيّن حرص الدولة على حماية الفنّانين والمبدعين التونسيين من كل حوادث الشغل والمخاطر المهنية، ودعا الفنانين والمبدعين للانخراط بكثافة في منظومة الضمان الاجتماعي، وهو ما يفرض حاليا وجوب التفكير في آليات جديدة مرنة ومنصفة لتشمل كل العاملين في القطاع الفني والإبداعي فلا يبقى أي تونسي دون تغطية اجتماعية.

وقالت وزيرة الشؤون الثقافية إن "الوضع الراهن يستوجب علينا مراجعة النظام الحالي للتغطية الاجتماعية للفنانين والمبدعين التونسيين حتى يستجيب لخصوصية العمل الإبداعي وطبيعة العمل الموسمي والمتقطع وغير المستقر لهذا القطاع بهدف مزيد حمايتهم من جميع المخاطر المرتبطة بهذه المهنة".

وأشارت الوزيرة إلى الاستئناس بالتجارب الدولية في إحداث أنظمة مرنة للضمان الاجتماعي لهذا المجال والتي تعتمد أنظمة لا تقوم على الدخل الفني بل على اشتراكات تقليدية، مبرزة أن المسؤولية مشتركة بين كل الأطراف لصياغة وإنجاز إصلاح جديد وجريء لمنظومة الضمان الاجتماعي قائم على أسس المرونة والشمولية والإنصاف لتصبح درعا يحمي الإبداع والمبدعين.


بطاقة الاحتراف شرط أوّلي للتمتع بالتغطية الاجتماعية

ما نستنتجه من الاقتراحات والمداخلات التي تنادي بضرورة تحديد الفئة التي تتمتع ببطاقة احتراف وحصرها في فئة من يتخذون من النشاط الفني مورد رزق أو اقتصارها على المتخرجين من مؤسسات التكوين المهني، يحرم بقية المنتمين إلى قطاع الفنانين من التمتع بالتغطية الاجتماعية، إذ يشترط قانون الضمان الاجتماعي على العامل غير الأجير المنتمي إلى قطاع الفنانين الاستظهار ببطاقة الاحتراف كشرط أساسي وأوّلي للإخراط في نظام الضمان الاجتماعي وللتمتع بالتغطية الاجتماعية.


هل سيساهم "قانون الفنان" في مقاومة عبارة "فنان الغلبة"، الدارجة في الوسط الفني وتختزل وحدها كل المرارة والإحباطات المتكررة لمختلف المهن الفنّية؟ فلا يمكن التقليل من صدق النوايا الحسنة لكل المتدخّلين في هذا الملف، رغم اختلاف آرائهم ومواقفهم، علما وأن مراحل إطلاق "قانون الفنان" طالت لكنه لم يُهمل في الأدراج وها هو يطبخ على نار هادئة.


حوصلة لأهم المراحل التي مرّ بها مشروع قانون الفنان والمهن الفنية

* 2014: وزارة الثقافة تعرض مشروع قانون الفنان والمهن الفنية.
* ديسمبر 2023: أكثر من 130 نائب يقدّمون مشروع قانون الفنان والمهن الفنية.
* 15 فيفري 2024: مكتب المجلس يحيل مشروع قانون الفنان والمهن الفنية على لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية تحت رقم 055/2023 التي عقدت 12 اجتماعاً وجلسة استماع للهياكل والنقابات التي تمثّل القطاع.
* 4 فيفري 2025: لجنة السياحة والثقافة تنظّم جلسة استماع إلى وزيرة الشؤون الثقافية حول مشروع قانون الفنّان.
* 18 جوان 2025: وزارة الثقافة ووزارة الشؤون الاجتماعية تنظمان بمدينة الثقافة ندوة "التغطية الاجتماعية الخاصة بالفنانين والمبدعين التونسيين"، وهو من أهم عناصر ومبررات قانون الفنان.
* 15 ديسمبر 2025: الأكاديمية البرلمانية تنظّم يوماً دراسياً للنظر في مقترح قانون الفنان بمشاركة مختلف الهياكل والنقابات الممثّلة للقطاع.

   تابعونا على ڤوڤل للأخبار تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments

0 de 0 commentaires pour l'article 320756

babnet